في أن مسألة العلو لا يسوغ فيها الاجتهاد

ينقل شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في كتابه بيان تلبيس الجهمية عن كتاب الحجة على تارك المحجة للشيخ نصر المقدسي شيخ الشافعية في عصره (377- 490) تحت فصل بعنوان "مسألة العلو عند السلف ليست من المسائل التي يسوغ فيها الاجتهاد" 

يقول:

"ولم يكن هذا عندهم من جنس مسائل النزاع التي يسوغ فيها الاجتهاد؛ بل ولا كان هذا عندهم من جنس مسائل أهل البدع المشهورين في الأ
مة : كالخوارج والشيعة والقدرية، والمرجئة؛ بل كان إنكار هذا عندهم أعظم عندهم من هذا كله، وكلامهم في ذلك مشهور متواتر.

ولهذا قال الملقب بإمام الأئمة أبو بكر بن خزيمة فيما رواه عنه الحاكم: من لم يقل إن الله فوق سمواته على عرشه بائن من خلقه وجب أن يستتاب فإن تاب وإلا ضربت عنقه، ثم ألقي على مزبلة لئلا يتأذى بنتن ريحه أهل القبلة ولا أهل الذمة».

قلت:

ولا يقال أن متأخري الاشاعرة أثبتوا العلو وإنه يلزمهم إنكاره لا أنهم أنكروه، وحقيقة أستغرب أن يخرج هذا الكلام من أشخاص أفاضل، فلا يجب أن يصبح البحث رغبويّا محضًا، فإن خرجت من دائرة الموضوعية فقد قللت من نفسك في عين المخالف والموافق وأضررت بموقفك.

فمعروف أن الاشتراك اللفظي لا يفيد شيء في مثل هذه المباحث، ومعروف أن العلو الذي كفر السلف من ينكره هو علو الجهة الذي يشار إليه بالاستقرار والجلوس والعلو والصعود وعلو الذات فوق العرش دون سائر الأمكنة والحد والبينونة وإلخ، فأما إثبات الأشاعرة لعلوٍّ آخر لم ينازع حتى المعتزلة فيه فليس هو ضمن محل النزاع أصلا فضلا عن كونه يدرء عن قائله الدخول في وعيد كفر النوع ولو عذرته بعينه.

فهم لا يلزمهم شيء ولم يلتزموه بل هم حذاق أذكياء يدركون لوازم أقوالهم ويدافعون عنها وأنا أستغرب أنني أحتاج أن أذكر هذا أصلا!! 

هؤلاء يناقشون لوازم اللوازم بل وما هو أبعد من ذلك فكيف تظن أنه يلزمهم إنكار العلو الذي تثبته الآيات والأحاديث (التي يقرون أن ظاهرها العلو الجهوي الحسي ويتأولونها) ومع ذلك هم لا يلتزمونه! أو أن إنكار العلو الحسي ليس هو إنكار العلو إنما لازمه إنكار العلو! وأي علو بقي حتى يلزمهم نفيه بعد إنكار علو الجهة! أهو علو المكانة؟!

سبحان الله 

هذا والله أعلم

#الغيث_الشامي

إرسال تعليق