على طريقة الأشاعرة والجهمية المعاصرين إذا أردت أن تنزه الله عن صفة من صفاته وتحيلها إلى عدم فقل مثلًا (النزول) الفيزيائي، الاستواء (الفيزيائي)
سبق أن علقت على هذه القضية بصوتية، وهي أن كلمة فيزيائي هذه مجملة قد يستخدمها المعطلة لنفي صفات الله سبحانه وتعالى وإحالتها إلى أشياء معنوية لا حقيقة لها خارج الأذهان ومعلوم أن صفات الله لها حقيقة خارج الأذهان قائمة بذاته!
فيد الله ليست مجرد معنى بل صفة عينية له يمكن أن تُرى وهو يراها سبحانه وتعالى ويقبض بها ويخلق ويطوي.
كلمة فيزيائي لها معنيين وكما يقال بنقيضها تعرف بعض الأشياء:
● الفيزيائي/ الماورائي:
وهذا يعد حكم "معرفي" إذ هو يحكم على معرفتنا نحن تجاه الشيء وليس الشيء نفسه، فبعض الأشياء تطولها حواسنا فندرسها وندرس خصائص وجودها وصفاتها وتأثيراها وما إلى ذلك من طبائعها بما يسمى إجمالًا بعلم الفيزياء.
فهنا تستطيع أن تخبر عن حالتك المعرفية عن الشيء بأنه غيب أم شهادة بالنسبة لك.
● الفيزيائي/ المعنوي:
وهذا يقصد به حكم "وجودي" أي الشيء على ما هو عليه بغض النظر عن الحالة المعرفية تجاهه، ويقصد بها عادة الفيزيائي أي الموجود القائم بنفسه خارج الذهن (أي الموجود في الأعيان وليس في الأذهان)، وهذا ما يقصده الناس عندما يخبرون بما حقيقته الثبوت أو "الوجود" كأن يقال الشيء هذا موجود
فيقصد به أنه له وجود حقيقي.
فهذا المعنى لا يجب تنزيه الله عنه لأنه ثابت في حقه بالضرورة
وإنما ننزه الله عن استخدام الألفاظ المجملة الحادثة في حقه فنستخدم ما ورد في النص وكان محققًا لهذا المعنى ولو باللزوم ولكن في مقام الرد على المخالف نبين له أن مثلًا معنى فيزيائي بهذا المعنى ثابت في حق الله.
● أخيرًا مغالطة توقيع الجهل بالواقع على الواقع نفسه!
وهي مغالطة أشعرية جهمية مشهورة يلبسون فيها على الناس،
يقول لك كل ما يخطر على بالك فهو ليس الله لانك لا يمكنك أن تكون صور ذهنية من غير التركيب مما تراه حواسك.
● فتقول صحيح
فيقول وما تراه حواسك الله ليس كمثله
● فتقول صحيح
فيقول إذا عليك أن لا تتخيل شيء عند كلامك عن الله.
● فتقول صحيح
فيقول لك أترى ذاك اللاشيء الذي خطر على بالك تعبيرًا عن جهلك وقصور إدراكك عن استحضار صورة الله في ذهنك؟
● تقول له نعم فعلا انا لم اتخيل شيء
يقول لك ذاك اللا شيء الذي لم تتخيله هو الله كما هو في الواقع!
وكثير من الناس يصدق ذلك وتنطلي عليه الخدعة فيظن أن عدم تخيله لأي كيفية لوجود الله أو صورة مرئية له يساوي أن الله في الواقع فعلا ليس له صورة مرئية أو كيفية وصفات لوجوده!
فهذه مغالطة توقيع او انزال الجهل بالشيء على واقع الشيء نفسه!
وهي مغالطة سوفسطائية من أخبث ما قد ترى، فيقول لك لا تتصور الله كالأشياء الفيزيائية (يقصد المعنى الأول كما حررنا أعلاه) ثم يقول لك لأن الله ليس كمثلها (وهنا تلبيسًا يقصد المعنى الثاني ويوهمك أنه لازم من نفيك للمعنى الأول).
#الغيث_الشامي