برامج مفيدة أم غزو فكري؟

2 وقت القراءة

 ظاهرة طيبة أن نجد بعض الشباب ينصرفون عن المسلسلات في رمضان، ويستبدلونها ببرامج ترفيهية توعوية تحمل طابع ديني نوعًا ما كبديل، فهذه نية تحمد لهم.

لكن كرأي قد يكون مختلف قليلًا وبلا مجاملة، قد تكون المسلسلات أحيانًا أفضل أثرًا على المستمع من بعض البرامج التوعوية الإيجابية !

فالمسلسلات غالبًا تدفعه للمعاصي ولكن لا تمهد في نفسه قبول الانحرافات الفكرية بشكل واضح وصريح وباسم الدين والأخلاقيات ولا تتكلم في الدين كمصدر موثوق أصلًا ولا تظهر بوجه الطيب الملاك.

على الأقل عامة الناس وبالذات أصحاب النية الطيبة لن يأخذون كلامها في الدين على محمل الجد، فيضيع الأمر بين الرسائل المختبئة بين السطور وبين تبريراتهم للمشاهد الجريئة بأنهم فقط يجسدون الواقع السيء دون الحكم عليه أو مطالبة الناس بتقليده، بينما هذه البرامج التمييعية فكثير من المتابعين يأخذون كلامهم كشيء مُسلّم وأنه يعبر عن الإسلام الحضاري الجميل الذي يظهر على التلفاز ومنقح من التطرف ومناسب للجميع، وبما أنها توعوية فهي بالضرورة تأخذ طابع "افعل ولا تفعل" وتعلم الناس الصواب والخطأ (من وجهة نظر البرنامج الذي اذا قدم نفسه كاسلامي توعوي فكثير من المتابعين لن يتكلف أبدًا أن يراجع ورائه)

فتجد البرنامج مغرق في التمييع العقدي حتى أنك لن تستغرب إذا وجدته يدعوا لوحدة الأديان بشكل صريح وأن اختلاف الأديان هو اختلاف الشرائع وحسب والكلمة العليا بين هذه الشرائع والشر والخير والمقبول والمرفوض أخلاقيّا هو ما تمليه القيم الإنسانية العالمية كما اتفق عليها المجتمع الدولي الغربي، بينما العقيدة هي كلها واحدة والخلاف فيها هين، فكلهم يعبدون إلهًا ما، وكلهم نيتهم طيبة، ويا حبذى لو كانوا يقولون أن لهم ربّا واحدًا فالأمر أهون حينها، وبالتأكيد الخلاف بيننا وبين أخواننا المسيحيين واليهود هين ليس بالكبير، ولن نتقدم حتى نرمي بهذا الخلاف الديني النكد وراء ظهورنا للأبد ويصبح مجرد أمور تدرس تاريخيّا ونستحي منها.

والكلام هذا بين الأديان المختلفة فانسى أمر الفرق والمذاهب المنتسبة للإسلام تمامًا (سنة - شيعة)، فكيف لو تكلمت عن (سنة - أشاعرة)!

ومن ناحية أخرى تشبع المستمع بأفكار النسوية والعلموية والإنسانوية ومعيارية الثقافة الغربية الغالبة في كل شيء وحصر مفهوم التقدم والنجاح بأمور دنيوية بحتة.

باختصار، إذا كان المسلسل يوجه لك هذه الرسائل بين السطور وهو في نظر كثير من المشاهدين فاقد لأهلية أن يتم التلقي الفكري عنه، وليس أهلا للكلام في أديان الناس، وغالبًا قد يشجعك على المعاصي بشكل تنفر النفس المتدينة منه (أسلوب رخيص).

فالأمر في هذه البرامج أخطر لأنها تشجعك على البدع والانحرافات الفكرية الكلية والانحراف المنهجي الضخم الذي قد يؤدي بك لاحقًا إلى الإلح_اد وإنكار السنة والنسوية والليبرالية والعلمانية وغيرها من هذه البدع الكف_رية المنهجية التي تصبح تتحكم في تفكير المستمع ونظرته ومعاييره تجاه الأمور.

لذلك، يجب أن تخاف من أمثال هذه البرامج أكثر، وتحصن نفسك وأهلك وأطفالك تجاه هذه الأفكار جيدّا.

فلا تدع التسلية تجعل مصيبتك في دينك!

قال تعالى: (وَالسَّمَاءِ ذَاتِ الرَّجْعِ (11) وَالْأَرْضِ ذَاتِ الصَّدْعِ (12) إِنَّهُ لَقَوْلٌ فَصْلٌ (13) وَمَا هُوَ بِالْهَزْلِ)

#الغيث_الشامي

إرسال تعليق