وهذا مما يكثر في هذا الزمان الذي انتشر فيه الإرجاء ونقض الدين بعضه ببعض وهذا باب عظيم من أبواب الزندقة والنفاق.
فيقول قائلهم: البشر كلهم يخطئون ولا يمكن أن يصلوا للعصمة، فلماذا تلومني على الذنب الفلاني؟
وقبل أن نناقش بأسلوب الدفاع ودفع الشبهة عن عقل هذا الذي يدعي أنها شبهة أصلًا أو يحتج مصدقًا بها، سنستخدم أسلوب القلب والهجوم فنقول:
إن هذا يسري على جميع القضايا القيمية، فكل قضية أخلاقية يمكن أن يقال فيها: "إن الإنسان ليس بمعصوم أخلاقيّا" بل كل إنسان لابد أنه سيخطئ خطأ أخلاقيّا ما، فبالتالي، لو سرقك أحد ما أو اعتدى عليك فله أن يحتج بنفس احتجاجك، فإن قلت لا فكون الإنسان ليس بمعصوم مطلقًا لا يعني أنه ليس مسؤول عن تصرفه المعين الذي فعله لمصلحة له وبتفكير وتقدير قلنا فهذا جوابنا عن مسألتك في الأعلى.
فهناك فرق بين جنس الأخطاء وبين أفرادها، فنعم الإنسان لا ينفك عن جنس الأخطاء، فلا بد أنه سيخطئ في أمر ما ولو دون قصد وهذا ان شاء الله مغفور له: "رَبَّنَا لاَ تُؤَاخِذْنَا إِن نَّسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا" ولكن إن كان عن عمد وإرادة كنت مسؤولًا عن هذا الخطأ المعين لا عن كون جنس الخطأ لازم لك لنقصك البشري.
فأنت يمكنك أن تترك بإرادتك الذنب المعين، لكن يستحيل أن تتحاشى بإرادتك كل خطأ ممكن وتصبح معصوم.
وهذا الفرق بيّن لمن أراد أن يفهم.
هذا والله أعلم
#الغيث_الشامي