قال رجل لابن سيرين: إن فلانا يريد أن يأتيك , ولا يتكلم بشيء قال: قل لفلان: لا ما يأتيني , فإن قلب ابن آدم ضعيف , وإني أخاف أن أسمع منه كلمة , فلا يرجع قلبي إلى ما كان"
وقال سفيان الثوري رحمه الله: "من أصغى بسمعه إلى صاحب بدعة خرج من عصمة الله , ووكل إلى نفسه"
- الإبانة الكبرى لابن بطة العكبري رحمه الله.
____
قلت: فانظر لهذا الإمام التابعي العلم رحمه الله كيف يكره أن يسمع الشبهات، ولا شك أن علماء السلف تعرضوا للشبهات والمناظرات وردوا على أهل الباطل بأحسن البيان وبالوحي والحكمة، ولكن هذه الشبهات كانت تحصل للواحد منهم إضطرارًا، فيسمع أن قومًا قالوا كذا ثم يجد في نفسه أنه يعلم الرد أو يتكلف تعلمه من مظانه وأهله وهو أهل لأن يستنبط من الكتاب والسنة ومعروف بالعلم والعقل الوفير، يناظر بقدر الحاجة الشرعية وهو يفرق بين مقام تأسيس العقائد الشرعي ومقام الرد والنقض على الخصوم التبرعي الذي هو فرض كفاية وله حدود وشروط وليس منها أن تسترسل مع سفسطة خصمك إلى لا آخر.
فبعد أن تصله الشبهة ويعلم اشتهارها ينقب في أدلة أصحابها ويبطلها عليهم وينقض عليهم، وإلا فقبل ذلك ما الداعي لأن يتكلف البحث عن الشبهات إلا ان يكون شاكّا بدينه أصلًا وفاتحا لباب الإمكان العقلي لأن يجد ما يجعله ينقلب عن دينه إلى غيره؟!
الخلاصة:
هناك فرق بين أن تكون من أهل التخصص أو طالب علم شرعي ثم تصلك شبهة بشكل عارض فتعلم أن لهذه الشبهة أصول وجذور وأدلة مزعومة عند أصحابها فتطلب تفكيك تلك الأصول وإبطال تلك الأدلة وإلزامهم بأدلة على مذهبك، وبين أن تتطلب أنت التنقيب والبحث عن كل شبهة خفية وتطلب نقاش الفروع قبل الأصول بتسلسل لانهائي مع الخصم فهذا جدال مذموم وطلب فاسد من مبدأ الأمر، والله ولي التوفيق.
#الغيث_الشامي