مسائل في الإمكان الذهني والخارجي

 ■ من الفروقات بين الإمكان الخارجي والإمكان الذهني:

● الإمكان الخارجي يمكن التعبير عنه بلغة الإحتمالية المبنية على الخبرة الحسية، بينما الذهني من حيث كونه ذهنيا فقط فلا يمكن بناء احتمالية خارجية له ولا يمكن افتراض حصوله ولا يمكن استخدامه في الاستدلال التفسيري abductive reasoning بينما هذا ممكن في الخارجي.

فالفرض التفسيري مبني على فكرة أن هناك احتمال لحصول الفرض المتخيل وهذا لا يمكن صياغته في الامكان العقلي.

ولذلك الامكان العقلي لا يقدم اي معرفة موجبة زائدة عن مجرد كونه ممكن عقلا إن ثبت ذلك كيفما ثبت.

// حاشية في النموذج القياسي التفسيري: 

وهو الانتقال من جزئي إلى جزئي مشابه له في وجه من الوجوه وافتراض تفريعهم على كيفية قياسية واحدة تفسر الحالة التي اشتركا بها في وجه التشابه.

و حتى القياس التفسيري النوع مبني على امكان النظير في الخارج (اي امكان حالة مشابهة في الوجه المبحوث) ثم بناء احتمالية كون المشاهدة المبحوثة يمكن تفسيرها بنفس التفسير، او على الأقل يمكن اسيعابها بالتشبيه مع الفارق، وهذا بعد العلم بأن التشبيه لا يؤدي إلى التناقض أو الوقوع في مغالطات (كتشبيه المعاني المجردة بالأشياء)



إكمالًا لقواعد في مسألة الإمكان، فإن لفظ الممكن يدل على معنى كلي له مورد انقسام لمعاني أدق ووجوه قد يدخل فيها المعنى الكلي هذا ويخصص داخلها ويقيّد بحسب السياق، فيمكن النظر له من أكثر من زاوية.
\\ فالممكن النقيض للواجب، هو ما يعلم العقل عند تصوره بالتعريف أنه ليس هو الذات الكاملة كمالا مطلقًا، بل يتصوره بنقص في صفاته وهذا الإمكان بمعنى المخلوق ، فهذا القسم من الممكنات يتعلق بالموجودات البائنة عن ذات الله ويكون العلم بإمكانها يساوي العلم بمخلوقيتها لأنه فرع عن تعريفها أنها ناقصة ليست الواجب الذي له كل الكمالات المتصورة المعروفة وغير المعروفة.
وتمييز هذا النوع من الممكنات اي بمعنى المخلوقات هو قدرة فطرية بدهية فالعاقل ينظر بداهة للعالم فيجده ضرورة يميز انه ملخوق وان كل ما يشترك معه في مسمى العالم هو مخلوق ايضا ولازمه صفات النقص والافتقار.
\\ والممكن نقيض المستحيل، وهذا يدخل فيه الواجب وصفاته والممكن المخلوق وصفاته، فيقال هل من المستحيل أن يتصف الله باليد؟ العقل لا يرى استحالة في ذلك ولكننا لا نعلم هل هو متصف بها او لا لانه ليس مركوز في الفطرة شيء يدل على ذلك، والشرع قد جاء باثباتها فعلم من جهته كونها كمالا لله لا نقص فيه.
وعدم علمنا قبل السمع بوجوب اتصافه بها لا يعني أنها ممكنة لذاتها بما يساوي معنى المخلوق، فهذا الإمكان يفترق عن النوع الأول بأن هذا هو فقط يساوي عدم العلم بوجوبه او استحالته، بينما هو الأول هو علم فعلًا بمخلوقية هذا الشيء الموصوف بالإمكان وأنه مستحيل أن يكون واجب ومستحيل أن يكون مستحيل لذاته كذلك.
وهذا فيه رد على شبهة الأشاعرة والمعتزلة في تعلق الواجب بالممكن، فبعض الفرق الكلامية قالت نحن ننكر كل الصفات الخبرية بناءً على أنها لو ثبتت فالعقل لا يحكم استقالاً بوجوبها بالتالي هي ممكنة والممكن لا يتعلق بالواجب فلزم أن لا ثنبت للباري إلا الصفات العقلية وحسب ونأول أي صفة أخرى إليها.
ويمكنك استخدام القواعد أعلاه لهدم هذه الشبهة من أساسها وأنا قد رددت عليها سابقًا وسأضع الروابط في التعليقات.
ولكن لزيادة الفائدة: فيقال لهم أنتم تقولون أن الله يٌعلم بعد النظر واثباته بالعلم بمقدمات ونتائج بعد جهل، فنقول لهم قبل النظر وحصول تلك المقدمات في النفس وحصول نتائجها منها كان العقل يحكم بامكانه (أي قبل العلم بدليل وجوده من عدمه كان يقول قائلهم من الممكن ان يكون موجود ومن الممكن ان لا يكون موجود فقط لجهله بدليل ذلك)  ثم انقلب الى الحكم بوجوبه بعد ان كان فاقدًا لذلك، وهذا كله في الذهن ولم تحكموا أن الممكن انقلب واجبًا في الخارج بناء عليه.
فقولوا ذلك في سائر الصفات، أن المقدمات التي اثبتتم منها الصفات العقلية قد تحصل بالنظر وقد تحصل بالسمع فيصير الطريق يوجب عقلا اثبات صفات واجبة في الخارج للموصوف بها وهو الباري.
فأنتم وإن كنتم تجهلون تلك المقدمات بالعقل، فالعقل لا يجزم باستحالة قيامها لاحقًا ومستقبلًأ به (أي أن يتعلم العاقل مقدمة جديدة صحيحة يصير لازمها الضروري اثبات صفة واجبة لله).
فالمقدمات السمعية هي نتيجة مقدمات عقلية أصلًا كأن يقال: الله أعلم منا بصفات نفسه وهو الذي أخبرنا بذلك يقينًا فصارت مقدمة ضرورية عقلًا لإثبات هذه الصفة.
هذا والله أعلم


إرسال تعليق