التفريق بين الصفات في الأحكام بلا معيار سلفي

 

قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في شرح الأصبهانية:

ومن قال: الصفات تنقسم إلى صفات ذاتية، وفعلية. ولم يجعل الأفعال تقوم به - فكلامه فيه تلبيس، فإنه سبحانه لا يوصف بشيء لا يقوم به. وإن سلم أنه يتصف بما لا يقوم به، فهذا هو أصل الجهمية؛ الذين يصفونه بمخلوقاته، ويقولون: إنه متكلم ومريد، وراض وغضبان، ومحب ومبغض، وراحم لمخلوقات يخلقها منفصلة عنه لا بأمور تقوم بذاته*]."

وأما سلف الأمة وأئمتها الذين يقولون: إنه لم يزل سبحانه متكلما إذا شاء؛ ويقولون: لم يزل فاعلا لما يشاء؛ ويقولون: إنه تقوم بذاته الأمور الاختيارية؛ ويقولون: إنه كان ولم يزل متصفا بما أخبر أنه كان موصوفا به. "

وقال قاعدته الشهيرة: "القول في بعض الصفات كالقول في البعض الآخر" كما في التدمرية

الشاهد:

أن شيخ الإسلام نبه على تفريق بدعي حدث بين من ينسب نفسه إلى الدفاع عن السنة من الكلابية والكرامية بين الصفات الفعلية والذاتية.

وبعض السلفيين اليوم أيضًا قد دخلت عليهم اليوم شبهة جهمية لم تظهر قط قبل الكلابية والكرامية، وما عرفها أحد من السلف ولا خطرت على باله بل صرحوا بخلافها بعبارات متعددة، وهي التفريق بين صفة وصفة في الأحكام المتعلقة بقيامها في الذات!

فنعم نحن نقر أن كل صفة تمتاز عن الأخرى بمعناها الذي لا يصح اتصاف موصوف بها إلا وقد تحقق فيه هذا المعنى، فهناك فرق بين الصفة الفعلية والعينية والمعنوية وغيرها وهذا فرق راجع إلى معنى الصفة نفسه، فكما أن صفة السمع تتعلق بالمسموعات والقدرة تتعلق بالمقدورات، فهذه الصفة لا  تقوم مقام هذه وهذه لا تقوم مقام هذه، لكن هناك قدر مشترك بينهم وهو أنهم كلهم صفات، وهذا عند السلف له حكم واحد في جميع الصفات.

الصفة الفعلية (ولا أقول الفعل المعين)، والذاتية، والعينية، وأي تقسيم اصطلاحي، لم يعتبره السلف في التفريق بين الصفات أبدًا من جهة أنها:

- أزلية أبدية

- كاملة

- لا يخلوا الله عنها

- لا يتصف الله بها بعد أن لم يكن متصف

- لا تزول منه بعد أن كان متصفًأ بها

- أنها كمال في أصل معناها وأفرادها كمال في حين تأقيتها إن كانت فعلية

وهناك من عبر عن مقتضى هذا بتسلسل الحوادث، حوادث لا أول لها، قدم نوع آثار الصفات البائنة عن ذات الله (العالم)، إلخ، ولا مشكلة في الإصطلاح الحادث، وهذا على جهة الاستنباط وهو كالقول في الحد والبينونة والعلو الحسي وغيره، ومن يخاف من هذا أصابته لوثة التفويض وهو يظن أنه سلفي المشرب.

وسبحان الله، كل هذه البلايا نتجت عن الظن التأثر بالجهمية سواء في الظن بأن السلف دراويش، أو غير هذا من الكلام في الصفات، كالقول أن الصفات الفعلية لها بداية، أو لا ندري هل لها بداية أم لا!.

وأقول وبكل ثقة، من يقول أن السلف فرقوا بين الصفات بهذا الفرق فهو لم يقرأ كتب السلف، وإن كان قد قرأها فهو لم يفهمها ودخلت من اذنه اليمين وخرجت من اليسار وربما كان شارد الذهن.

هذا والله أعلم.

#الغيث_الشامي

إرسال تعليق