الفكر الحركي عندما دخل على ملف الشبهات

2 وقت القراءة


مما يتميز به التفكير الحركي هو سيولة أصوله العقدية، ومنهجه الميكافيلي (الغاية تبرر الوسيلة)، وهذا عند التأمل نابع عن سيولة تلك الأصول، فهي غير مهمة، المهم أن تشترك في الفروع مهما فسدت الأصول.

وهذه هي وسيلتهم في التجميع، أن القدر المتفق عليه من الفروع ذات الأهمية في الجدل الإيماني الإلحادي في تصنيفهم لتلك القضايا بهواهم المحض عليه يحصل الاجتماع، أما الأصول والأدلة التي بنيت عليها هذه الفروع فلا يهم.

والعجيب أن أصول الدين عند قوم قد تكون فروعًا في سياق معين عند قوم، فمثلًا: قضية وجود الله سبحانه، هي قضية من أصول الدين ولا شك، لكنها عند المتكلمين فرعية، وهي فرعية عن النظر الواجب، والذي هو بدوره فرع عن تأصيلات فلسفية من الصعب جدّا حصرها.

وكما نعلم فالخلاف السلفي الأشعري محتدم في هذه الأصول، كما هو فيما تفرع عنها من نتيجة وهي إثبات الإله العدمي الفلسفي، لكن هذا عند الحركي غير مهم، طالما أنه وصل لنتيجة داخلة نوعًا فيما يمكن أن يسمى "إله" لقوم ينتسبون للإسلام.

حتى أن هذا التصور تم توسيعه ليشمل الملل الأخرى، فتجد أنهم بدأوا يترجمون كتب النصارى فيما يسمى عندهم باللاهوت الدفاعي ، وكتب اليهود والربوبيين، جريًا على قاعدة: نتعاون فيما اتفقنا عليه.

وصار التركيز كله منصب على إجابة الشبهة، فهي الغاية، وهي التي تحفظ الشاب المنتسب للإسلام داخل دائرته، الأهم أن لا يلحد، مهما كان الباب، سواء في النسوية، النبوات، الربوبية والألوهية والأسماء والصفات (الإلهيات)، فمهما كانت الإجابة مرقعة برقع مختلفة الألوان، كل جزء منها جاء من عقيدة مختلفة، وهذه العقائد تنقض بعضها بعضًا المهم أن الإجابة حاضرة وتفي بالغرض.

وصارت أي محاولة لتصحيح المسار هي اعتراض من قاطع طريق في وجه هذا المشروع الدعوي التجميعي العملاق.

فالمهم أن يعود الشاب للانتساب للإسلام، سواءً عاد أشعريا، أو معتزليّا، أو رافضيّا، لا يهم.

وليس لك أن تفتح فمك بأي شيء قد ينفره عن الإسلام أو يحدث له صدمة قد يكون سببها أنه دخل للإسلام أساسا بتصور مختلف عنه، وربما التصور الذي تصدمه به لن يعجبه، لأن من دعاه للإسلام قدمه له كما يهوى أن يكون.

وهذا يفك لك اللغز العجيب، كيف أن معظم الشباب الذين دخلوا في سلك مناقشة الملاحدة لم يتعمقوا في العقيدة، كيف لك أن تدافع عن عقيدة لا تعرفها؟ وأي عقيدة تؤسسها في جوابك مقابل عقيدة الملحد الفاسدة التي تتضمنها الشبهة!.

وكيف ترمي بنفسك في هذا البحر اللجي قبل التعلم، وكيف هانت العقيدة والدين في قلوب هؤلاء من حيث أنهم يحسبون أنهم مجاهدين الصف الأول لنصرته!

سيكون الجواب باختصار، لا عقيدة، الأهم هو أن تجيب الشبهة بما يتلائم مع مجموعة من القضايا تتفق عليها جميع الفرق الإسلامية إجمالًا (أي وفق الإسلام العام) وربما أحيانا المهم أن تجيب الشبهة بوفق ما تتفق عليه الديانات بعموم تحت ما صار يسمى "الإثباتية theism".

وللأمر شجون، لكن نكتفي بهذا القدر.

#الغيث_الشامي

إرسال تعليق