يقول ابن تيمية رحمه الله بمعنى كلامه: أن الملاحدة القدماء تناقضوا إذ عطلوا الصانع بالكلية فرارًا من إثبات الصفات له والأفعال الاختيارية ويقولون هذا لا يليق بالواجب، فلا يليق أن يكون فاعلًا قادرًا مبدعًا للعالم، وطبعا هذا كما هو معلوم مخالف للفطرة والضرورة العقلية من وجود رب خالق لكل شيء فوق كل شيء سبحانه وتعالى تنسب له الكمالات، وأن من الأمارات والدلائل الدالة يقينًا على وجوده في العالم ما لا يحصى بل أي حادث هو دال على وجوده وعقولنا في وجودها واستخدامها دالة على وجوده سبحانه.
فإن فررتم من إثبات واجب مبدع للعالم جعلتم العالم بكل مافيه من حوادث وإمكان وافتقار وتركب ونقص واجب وجود وهذا اغرق في الامتناع مما فررتم منه من كل وجه معقول!
فتنزيلكم صفات الربوبية بل والألوهية على العالم أبعد في الامتناع.
وهذا يلزم الملاحدة الجدد، كقولهم مثلًا أننا لن نثبت الإله للشرور التي نجدها في العالم، ثم أثبتوا كل صفات الإله للطبيعة التي هي محل الشرور أصلًأ!، فلا هم للشرور كسروا ولا للاله عبدوا!
فإن قالوا نحن أصلًأ لا نثبت ما تصفونه أنتم بكامل الرحمة، قلنا لهم ها أنتم أثبتم عقولكم كاملة المعرفة بالرحمة الواجبة للخالق وجعلتوها صفة لمعرفة المخلوق وبها نفيتم رحمة الخالق، فإن كانت هذه الرحمة في نفوسكم مصدرها الطبيعة كانت مشكوكة بها إذا بطل احتجاجكم علينا بها وانكسر دليلكم بنفسه، وإن قلتم مصدرها الخالق كان بالضرورة أعلم بها منكم وشككم بعلمه بها يلزمكم الشك بما علمكم اياه!
أو أنهم ينفون الإله واجب الوجود كما يعلمه الناس بفطرهم ثم يجعلون الطبيعة المخلوقة واجبة الوجود نوعًا أو عينًا.
هذا مثال على كيفية تطبيق هذا الاحتجاج
// هامش: باختصار الحجة كالتالي: إن نفيت الواجب كما يثبته أهل الأديان أثبتّ بالضرورة واجبًا أخر مكانه أبلغ في النقص والامتناع منه.
هذا والله أعلم
#الغيث_الشامي