قواعد في محبة الله سبحانه من كلام ابن القيم

2 وقت القراءة

 

● في أن محبة الله سبحانه هي غاية كمال العبد.

● وأن كل محبوب فهو آية على استحقاق الله للحب من باب أولى.

● وأن دار التكليف مهيئة لاختبار الحق الصادق من الكاذب.

يقول شيخ الإسلام ابن القيم:

"وأيضا فإنه لما كانت محبة الله وحده هي غاية كمال العبد وسعادته التي لا كمال له ولا سعادة بدونها اصلا وكانت المحبة الصادقة إنما تتحقق بغيثار المحبوب على غيره من محبوبات النفوس واحتمال اعظم المشاق في طاعته ومرضاته فبهذا تتحقق المحبة ويعلم ثبوتها في القلب اقتضت حكمته سبحانه اخراجهم الى هذه الدار المحفوفة بالشهوات ومحاب النفوس التي بإيثار الحق عليها والاعراض عنها يتحقق حبهم له وإيثارهم إياه على غيره ولذلك يتحمل المشاق الشديدة وركوب الاخطار واحتمال الملامة والصبر على دواعي الغي والضلال ومجاهدتها يقوى سلطان المحبة وتثبت شجرتها في القلب وتطعم ثمرتها على الجوارح فإن المحبة الثابتة اللازمة على كثرة الموانع والعوارض والصوارف هي المحبة الحقيقية النافعة واما المحبة المشروطة بالعافية والنعيم واللذة وحصول مراد المحب من محبوبه فليست محبة صادقة ولا ثبات لها عند المعارضات والموانع فإن المعلق على الشرط عدم عند عدمه ومن ودك لأمر ولي عند انقضائه وفرق بين من يعبد الله على السراء والرخاء والعافية فقط وبين من يعبده على السراء والضراء والشدة والرخاء"

- مفتاح دار السعادة

----

قلت: 

إن غاية كمال العبد أن يدرك فقره الذاتي اللازم له إلى الله سبحانه، وأنه لا يحصل على أي محبوب له إلا ويكون الله هو سبب هذا المحبوب، فكل محبوب فهو محبوب 

إما للذة يسببها أو لألم يدفعه

ولا محبوب يستقل بأثره عليك بل كله تابع لمشيئة الله

والله سبحانه هو خالق كل اللذات ودافع كل الشرور فهو مسبب الأسباب

فإن كان شيء في الوجود يستحق الحب فالله من باب أولى فهو خالقه وحافظه وهو من أنعم عليك به.

ولما كانت العبادة هي غاية المحبة والخضوع المستلزمة لغاية الطاعة، وكان الإنسان قد خلق لعبادة الله

كان دار التكليف مهيئًا لاختبار صدق هذه العبادة، ولا تكون إلا في حال السراء والضراء فإن من يعبد في السراء لا يكون حبّه إلا مشروطا بما تحبه نفسه من الأمور العاجلة، وأما المحب لله العارف به حق معرفته يثق به ثقة مطلقة ويعلم أن كل أقداره خيرٌ له، فيعبده في السراء والضراء خوفًا وطمعًا وهو جازم أن هذا هو الحال الأكمل له.

#الغيث_الشامي

إرسال تعليق