في سؤال بعض اخوتنا: كيف يفسر الملاحدة كذا وكذا! التطور مثالًا

4 وقت القراءة


> يوجه بعض الإخوة سؤالًا استنكاريّا للملاحدة لالزامهم بعجزهم عن تفسير كذا وكذا من الظواهر العظيمة الدالة على عظمة خالقها عند كل ذي عقل سليم.

> فمثلا يقول له كيف يفسر الملاحدة الجمال الموجود في المخلوقات، أو التناسق والتناغم، أو النظام، أو توافق حاجات الكائن الحي مع المواد الموجودة داخل نظام العالم وزيادة وكيف تفسرون عمل أجسام الكائنات الحية الدقيق جدا والبحر الذي لا ينتهي من التعقيد المعجز، أو نشأتهم بعد عدم على غير مثال سابق!

■ هو سؤال قوي ولا شك، ولكن ويا للعجب، الملحد دائمًا لديه إجابة! 

صدق أو لا تصدق، كل صاحب باطل عنيد غالبًا سيكون لديه إجابة جاهزة تفصيلية متناسقة مع باقي معتقداته ذات الصلة.

• لماذا؟ ببساطة لأنه سيستخدم الخيال، فليس مجرد القدرة على التفسير يساوي صحة التفسير او صحة المنطق الذي بني عليه التفسير او حتى منطق الاستدلال على صحة التفسير.

> فلذلك فالسؤال ليس هو هل للملاحدة تفسير لذلك ام لا، بل كيف يثبتون صحته!

\\ مع علمنا الضروري أنهم لن يثبتوا ذلك لثبوت صحة خلافه عندنا

فنحن حين نتحداهم أن يثبتوا صحة التطور، فالتحدي أقوى من مجرد نقص المشاهدات التجريبية حتى الآن وانتبه!

بل التحدي هو أنهم مهما بلغوا من المشاهدات ولو نقبوا الأرض حجرًا حجرًا، لن يستطيعوا بناء دليل منطقي واحد يربط بين حفنة من العظام مع سيناريو التطور الغيبي الذي حصل في مخيلتهم ثم اثبات ان هذا ما حصل بالفعل في التاريخ السحيق ولم يشهده احد من البشر عيانًا على أنه هو السبب في نشأة جميع الكائنات الحية.

فالسبب هو أنهم ليسوا أهل كتاب ولا وحي، وكلامهم في الغيبيات مجرد ميثولوجيا دون اثباتها خرط القتاد.

■ فلن ينفعهم المنطق التفسيري اصلا ( inference to best explanation ) و لا ( Occam razor ) ولا ملأ الدنيا حفريات وعظام، ولا كتابة مئات الكتب الدفاعية والفلسفة.

أخزاهم الله بأن نظريتهم ستبقى للأبد وبالضرورة العقلية غير قابلة للإثبات التجريبي أو المنطقي، وذلك ببساطة لأن الله قد غيب الكيفية التفصيلية لفعل موصوف به وهو فعله حين خلق الكائنات الحية.

ولن يصلوا لكيفية ذلك ولو تشقلبوا وسيبقى منطقهم في اثباتها يعاني من الدور ومبني على الخيال المحض وليس له اي قيمة معرفية فضلا عن ان يكون ظني اصلا، فنحن لا نقول ان التطور نظرية ظنية ونقدم عليها القطعي! ابدا

انما نقول هي لم ترقى حتى لكونها ظن؛ بل ليس هناك دليل انها ممكنة خارجًا اصًلا بل ننازعهم حتى انها ممكنة عقلًا.

وسأضرب مثال حتى أبين لكم وجه ذلك 

المنطق التفسيري منه جزء استنباطي عقلي ومنه جزء استقرائي حسي (يعتمد على العادة).

■ هب انك استيقظت صباحًا وفتحت نافذة منزلك، فوجدت الأرض مبتلة والأشجار مبتلة وأسقف المنازل المجاورة تقطر من الماء.

ما تفسير ما تراه؟ 

المطر ولا شك

كيف عرفت ذلك مع كونك لم ترى المطر فقط رأيت البلل؟

أن البلل على هذا النطاق الواسع بالعادة لا يسببه إلا المطر

فهذا استدلال بالأثر على المؤثر ولكن ركز هنا أنك عرفت أن هذا المؤثر تحديدا (المطر) ينتج هذا الاثر (الشوارع المبتلة) بالعادة وليس بالخيال المحض!

ولو أن فضائيا هبط للأرض ورأى البلل وهو لا يعرف شيئًا عن المطر، فمهما أخبرنا بان جرندايزر العملاق هو الذي كان يبكي ولذلك ابتلت الشوارع وأخذ يأتي لنا بمشاهدات ويقول انها تدل على ذلك فلا قيمة لكلامه ابدا! وسنقول له اصمت انت فقط لا تدري السبب، ونحن شاهدنا السبب ونحن فقط أهل للكلام في ذلك ولو لم نشاهده لسكتنا كما عليك ان تسكت.

طيب حالة أخرى:

خبأت قطعة من الذهب في مكان مخفي جدا في منزلك ووضعت قفل عليه وتركته، فعدت ووجدت المكان مفتوح والذهب مسروق.

إذا لا بد لها من سارق

هذا الحكم ليس مبني على العادة كسابقه! بل مبني على الضرورة العقلية، هناك سرقة اذا هناك سارق (اي سبب كافي لحصول السرقة بما انها حصلت بالفعل).

لكن تعيين السارق هذا مما ستستخدم به الخبرة والعادة حيث ستحلل المشتبه بهم في جرائم سابقة وخبرة الشرطة في القبض على المجرمين والتنبؤ بسلوكياتهم وغيره.

لذلك فالاستدلال بالأثر على المؤثر إما يكون بالعادة؛ أو بالضرورة العقلية لكن العادة تمدنا بمعلومات أكثر عن طبيعة السبب الذي أدى لذلك، بينما المنطق يمدنا فقط ببعض صفاته التي لم يكن ليستطيع أن يقوم بالسرقة دونها، فالسرقة لا تتم بلا سارق، لكن ما صفات هذا السارق التي هي أزيد من كونه سارق (حي وله ارادة وله تخطيط وعلم وقدرة على التنفيذ)، ما اسمه ، لماذا سرق؟ هذا لا يمكن معرفته الا بالحس.

فهذا هو المنطق التفسيري، خبرني بربك في أي جزء من أجزائه يمكن حشر نظرية التطور؟ 

هل لدينا خبرة في كيفية خلق المخلوقات الحية سابقا حتى اذا راينا آثار هذه الكيفية قلنا همم، هذا ما نراه بالعادة عندما يحدث تطور، اذا التطور قد حصل؟ ابدا ما راينا حتى شيء شبيه بذلك كما هو الحال في مثال المطر، نحن لم نرى نوع واحد ينشأ بعد عدمه فضلا عن نحكي عن نشاة كل الانواع!

ولا هو ضرورة عقلية بحيث أنه لا يمكن تصور نشأة الكائنات الحية الا عن طريق التطور كما الحال في مثال السرقة والسارق.

والأمر والمشاكل المعرفية في أدلتهم أعظم بكثير والتناقضات أكثر فداحة، ولولا خوفي أن لا أطيل أكثر لحكيت وحكيت، لكن هذا فيه نبذة كافية للمنصف.

هذا والله أعلم.

#الغيث_الشامي

#مدونة_النقد_الأثري

إرسال تعليق