قاعدة في اتباع الشبهات من مسائل حرب الكرماني

3 وقت القراءة

قال الإمام حرب بن اسماعيل الكرماني رحمه الله:

حدثنا مسدد، قال: حدثنا يحيى بن سعيد، عن هشام بن حسان، عن حميد بن هلال، عن أبي الدهماء، عن عمران ابن حصين، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من سمع بالدجال فلينا منه ـ مرتين أو ثلاثة ـ فإن الرجل يأتيه فيحسب أنه مومن، فيرى ما معه من الشبهات فيئبعه»

---

ظاهرة سيئة أن تجد من ينتسبون لطلب العلم اليوم يغوصون مع أهل الشبه في كل جزئية من كفري_اتهم، بل قد تجده يستمتع بالسماع لهم والخوض معهم فيما خاضوا فيه والتلذذ بالجدل مع كل من هب ودب منهم، ومتابعة أدبياتهم ومناظرة كل من هب ودب منهم أول بأول بغير تخصص ولا علة ولا ضرورة أصلًا لذلك، ويكتفي بالظن بأنه قوي الإيمان والإنصاف وأنه لا بد أنه سيبقى متبعًا للحق دائمًا.

فحذاري يا أخي فوالله لا تدري متى تطابق الشبهة الهوى، فالرسول قد حذر من ذلك، فالشبهات تخطف القلوب، والفتنة حق، فبأي شيء تأمنها على نفسك؟ بأعمالك مثلًا؟ أم تأمن مكر ربك سبحانه بك وأنت تخالف نهيه عن مجالسة أهل الك_فر والإلحاد أم ماذا؟

بالله عليكم أين نجد ذلك التكلف البالغ في إجابة كل شبه أهل الزيغ التفصيلية في الكتاب والسنة أو كلام السلف؟ 

أبدًا لن تجد والله، الكفاية حاصلة في هدم أصولهم الكلية ويتبعها بالضرورة ما ترتب عليها من فروع، وكشف أمراض قلوبهم ثم ضرب المثل على أحد شبهاتهم التفصيلية بما يحصل به المقصود.

والإعراض عن الأسئلة التي تحتوي قلة أدب مع الرب سبحانه وتعالى ومخالفة الفطرة التي تضطر الإنسان لتعظيمه وتنزيهه عن كل نقيصة، وهذا ظاهر حديث أبو هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم حيث قال له: يَأْتي الشَّيْطانُ أحَدَكُمْ فَيَقُولَ: مَن خَلَقَ كَذا وكَذا؟ حتَّى يَقُولَ له: مَن خَلَقَ رَبَّكَ؟ فإذا بَلَغَ ذلكَ، فَلْيَسْتَعِذْ باللَّهِ ولْيَنْتَهِ.

فبالله عليكم هل هكذا صرنا نتعامل مع شبهات المسلمين؟ على الأقل هل هذا الأصل عندنا؟ 

هل هكذا تعامل عمر بن الخطاب رضي الله عنه مع أسئلة صبيغ التي لا تبلغ معشرات ما نجده اليوم من أسئلة بعض الطلبة الموسوسين بالعقليات مثلا؟

اسمع كيف تعامل عمر بن الخطاب تاج رأسك مع صبيع:

جاء صُبَيْغٌ التَّميميُّ إلى عمرَ بنِ الخطَّابِ فقال : يا أميرَ المؤمنين أخبِرْني عن { وَالذَّارِيَاتِ ذَرْوًا } قال : هي الرِّياحُ ، ولولا أنِّي سمِعتُ رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم يقولُه ما قلتُه ، قال : فأخبِرْني عن { الحَامِلَاتِ وِقْرًا } قال : هي السَّحابُ ولولا أنِّي سمِعتُ رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم يقولُه ما قلته ، قال : فأخبِرْني عن { فَالْمُقَسِّمَاتِ أَمْرًا } قال : هي الملائكةُ ولولا أنِّي سمِعتُ رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم يقولُه ما قلته ، قال : فأخبِرْني عن { الْجَارِيَاتِ يُسْرًا } قال : هي السُّفنُ ولولا أنِّي سمِعتُ رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم يقولُه ما قلته ، ثمَّ أمر به فضُرِب مائةً وجُعِل في بيتٍ ، فلمَّا برَأ دعا به فضربه مائةً أخرَى وحمله على قتَبٍ وكتب إلى أبي موسَى الأشعريِّ : امنعِ النَّاسَ من مجالستِه ، فلم يزلْ كذلك حتَّى أتَى أبا موسَى فحلف له بالأيْمانِ المُغلَّظةِ ما يجِدُ في نفسِه ممَّا كان يجِدُ شيئًا ، فكتب في ذلك إلى عمرَ ، فكتب عمرُ : ما إخالُه إلَّا قد صدق فخَلِّ بينه وبين مجالسةِ النَّاسِ

فانتبه، فوالله العمر قصير، ولا تأمن على نفسك الفتنة، فوالله لو فتنت ومت على كفرك فلن يغني عنك أحد من العالمين شيئًا وسيكبك الله في النار أبد الدهر ولا يبالي بك ولا بأسئلتك السخيفة التي تخالف ما فطرك وفطر الناس كلهم عليه.

قال تعالى: قالَتْ رُسُلُهُمْ أَفِي اللَّهِ شَكٌّ فَاطِرِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ ۖ يَدْعُوكُمْ لِيَغْفِرَ لَكُم مِّن ذُنُوبِكُمْ وَيُؤَخِّرَكُمْ إِلَىٰ أَجَلٍ مُّسَمًّى ۚ قَالُوا إِنْ أَنتُمْ إِلَّا بَشَرٌ مِّثْلُنَا تُرِيدُونَ أَن تَصُدُّونَا عَمَّا كَانَ يَعْبُدُ آبَاؤُنَا فَأْتُونَا بِسُلْطَانٍ مُّبِينٍ

قال الله تعالى: بَلْ هُمْ فِي شَكٍّ يَلْعَبُونَ

وقال: وَلَقَدْ صَرَّفْنَا فِي هَٰذَا الْقُرْآنِ لِلنَّاسِ مِن كُلِّ مَثَلٍ ۚ وَكَانَ الْإِنسَانُ أَكْثَرَ شَيْءٍ جَدَلًا

#الغيث_الشامي

إرسال تعليق