جاء في الإبانة الكبرى:
114 - حدثنا أبو جعفر بن العلاء، قال: حدثنا علي بن حرب، قال: حدثنا هارون بن عمران، قال: حدثنا جعفر بن برقان، عن أبي سكينة الحمصي، عن عبد الرحمن بن عبد الله، قال: قدم عمر الجابية فقام فينا خطيبا، فحمد الله، وأثنى عليه بما هو أهله، ثم قال: قام فينا رسول الله صلى الله عليه وسلم كمقامي فيكم، فقال: «أكرموا أصحابي، فإنهم خياركم، ثم الذين يلونهم، ثم الذين يلونهم، ثم يظهر الكذب حتى يحلف الرجل، وإن لم يستحلف، ويشهد، وإن لم يستشهد ألا من أراد بحبوحة الجنة، فعليه بالجماعة، فإن الشيطان مع الواحد، وهو من الاثنين أبعد، ألا لا يخلون رجل بامرأة، فإن معهما الشيطان ومن ساءته خطيئته فهو مؤمن»
____
فحال العبد مع المعاصي دركات:
فمن الناس من يزين الشيطان في عينيه المعصية حتى يتعطل عقله بالكلية، فيمشي خلفها كالأعمى، حتى إذا ما اصطدم بجدار ضميره ودينه وحدثته نفسه بالتوبة أسكتها بمختلف الحيل والشبهات، فإذا ما تساقطت هذه الحيل بين يديه حدثته نفسه بإحداث المزيد من الشبهات والثغرات في الدين حتى يسوغ لنفسه ما هو عليه وهذا طريقه لاستحلال معصيته وهو نهاية الطريق الذي يريده الشيطان حتى يقطع عنه كل أمل في التوبة.
فمن حدثته نفسه بسوء ما عليه من حال أثناء المعصية فهذا لم يزل في قلبه من الخير ما يدفعه للاستغفار بمعناه الحقيقي الذي يتضمن التوبة.
فلا يجتمع في قلب مؤمن معصية وطاعة إلا وبينهم أشد التزاحم حتى يحسم أمره بين الاثنين فإما أن يجاهد المعاصي بالطاعات ويطلب من الله التوبة، أو تتضائل المعصية في نفسه فيألفها ويطبعها الله على قلبه ويحرمه بقدر انغماسه فيها من الطاعات ومن حلاوة الإيمان وقد يستدرجه للغرق أكثر خلف خطوات الشيطان فيكون هو ما كتب له أن يموت عليه فيكون ذلك هو محله في النار الذي كتب له قبل أن يولد!
فالله نسأل الهداية والثبات وأن لا يكلنا إلى نفوسنا وأن يقينا الفتن ما ظهر لنا منها وما بطن، سواء كانت الفتنة هذه مختبئة خلف خبايا النفس أو تخفيها عنا الأقدار.
#الغيث_الشامي