عندنا طائفتين:
1- طائفة تثبت عليه التهمة (فنسألها عن حكمه)
2- طائفة تنفي عنه التهمة (لا يلزمها الحكم عليه بشيء)
وكل طائفة منهما مطالبة بالتدليل على موقفها في التهمة والحكم عليه بناء على موقفهم من التهمة
والثانية منهم من:
2:1 يعذره (لكن يبدعه)، أو (لا يبدعه)
2:2 لا يعذره (يكفره)
وكذلك سنطالب كل فرقة بدليل على ما قدمته
الآن الخلاف في الهروي ما مبناه؟ هل هو في تكفيره للأشاعرة؟ فقد نقله عن شيوخ له وليس هو موقفه الشخصي وحسب، وهذا القول له مسوغاته التي تتعالى عن الأشخاص أصلًا فالنقاش في الهروي حينها مجرد خوض في الفروع دون الأصول (مع اعتبار الفرق بين متقدمي الأشاعرة "اللفظية" ومتأخريهم "الجهمية نفاة العلو" ) (1)
أم في تثبيت التهمة نفسها على الهروي؟
فقد اختلف عليه أهل السنة بين من ثبت التهمة ومن قال بالبراءة، وقد طعن به من ثبت عليه التهمة ولو لم يكفره، وما شنع عليه أحد بذلك، مع كون القول بنفي العلو الجهوي وأن الله ليس في مكان بمعنى أنه لا داخل ولا خارج العالم ولا يشار إليه ولا يرفع إليه يد عند الدعاء ولا يُسال عنه بأين (2) أشنع من قول أنه فوق العرش كما أنه في كل مكان، فما بالك فقول من يقول أنه يحل في مخلوق معين في حال معين.
والمقارنة بين الشناعات لا يلغي أنها شناعات ووجه شناعتها أنها كلها تخالف أدلة العلو لكن بين مقل ومستكثر، فالقائل أنه ليس في جهة العلو أصلًا أبعد بكثير عمن يقول هو في العلو لكن تحل بعض صفاته في خلقه أحيانًا، وأشد منافرة للأدلة.
فالهروي عند من أثبت عليه التهمة قائل بقول شنيع لا شك، وبدعة كفرية، فكل حلول هو بدعة كفرية سواء قيل خاص أم عام أم إلخ، ولكن هل إذا طعن به بعد هذا واستنقص منه يصير قوله شنيعًا وغلو ؟ لا أعرف أحد شنع على من طعن به لأجل هذه التهمة، فكيف بمن جمع ما هو أكبر منها مع غيرها مع الشرك بالله وغير ذلك؟
فإن كان لا يقبل أن يقال عن الهروي أنه شيخ الإسلام لقوله بالحلول الخاص فكيف يطلق على شخص بأنه إمام عظيم من أئمة الإسلام وهو يقول بما هو فوق ذلك؟
فما يلزم في الهروي يلزم من باب أولى فيمن قال بمقالات أشنع، فإن قيل لننظر في حال القائل أيضًا، فيقال: فحال الهروي مستقيم قبل هذا وفي غيره بل هو مستقيم أكثر من حال هؤلاء أصلًا ومنهجه أبعد عن الابتداع فيما عرف عنه طوال حياته منهم كما صرح شيخ الإسلام ابن القيم رحمه الله.
فالآن النقاش كذلك سينقسم إلى عدة أقسام:
1: مع من يكفر الهروي اطرادًا لقواعده في عدم الإعذار في مسائل الكفر الظاهر ومخالفة المعلوم من الدين بالضرورة
2: أو مع من يقبل عذره لكن يشنع عليه ولا يصفه بالإمام (فهذا إذًا له سلف)
3: من يثبت عليه التهمة ويعتبر التشنيع عليه وإزالة الإمامة عنه بسببها غلوّا وقد ثبت أن هناك من شنع ولم يوصف بالغلو من المتأخرين وله سلف في المتقدمين لأشخاص لهم حال نظير لحال الهروي، أي أنه من علماء الحديث ولقوله ببدعة كفرية تم التشنيع عليه وترك الأخذ عنه.
هذا ما أفهمه من هذه القضية والله أعلم.
#الغيث_الشامي