ذكر ابن تيمية موافقة متقدمي الأشاعرة ومتأخريهم للمعتزلة عند تفسير كلامهم في بعض ما خالفوهم فيه من المسائل الكبيرة التي دار عليها الجدل بين المعتزلة أهل الحديث:
يقول:
"من أسباب ذلك أيضًا أن «الأشعري» ليس له كلام كثير منتشر في تقرير مسألة «العرش» ، والمباينة للمخلوقات، كما كان «لابن كلَّاب» إمامه، وذلك لأنه تصدى للمسائل التي كان المعتزلة تظهر الخلاف فيها، كمسألة الكلام والرؤية، وإنكار القدر والشفاعة في أهل الكبائر ونحو ذلك، وأما العلو فلم يكونوا يظهرون الخلاف فيه إلا لخاصتهم، لإنكار عموم المسلمين لذلك، وإنما كان سلف الأمة وأئمتها يعلمون ما يضمرون من ذلك بالاستدلال، فالأشعري تصدَّى لردِّ ما اشتهر من بدعهم، فكان إظهار خلافهم في القرآن والرؤية من شعار مذهبه، التي لم يتنازع فيها أصحابه، ((وإن كانوا قد يفسرون ذلك بما يقارب قول المعتزلة))، بخلاف ما لم يكونوا يظهرون مخالفته"
- بيان تلبيس الجهمية
وأما المتأخرين فقال فيهم أيضًا في نفس الكتاب بل وموضع قريب من المنقول أعلاه:
"وقد تبين بما ذكرناه، أن المخالفين لأهل الإسلام، في مسألة العرش، وأن الله فوقه، كانوا في صدر الإسلام من أقل الناس، كما ذكره «ابن كلاب» إمام «الأشعري» وأصحابه، وإن كان أكثر الأشعرية المتأخرين، قد صاروا في ذلك مع المعتزلة؛ بل يقال أشهر الطوائف بهذا النفي"
وهذا ما يوافق كلام السجزي وهو المعاصر لمتقدميهم مثل ابن فورك وابن الباقلاني حيث قال:
"وعند الأشعري أنه مخلوق وليس بقرآن وإنما هو عبارة عنه.
وكذلك كثير من مذهبه، يقول في الظاهر بقول أهل السنة مجملاً، ثم عند التفسير، والتفصيل يرجع إلى قول المعتزلة، فالجاهل يقبله بما يظهره، والعالم يجهره لما منه يخبره، والضرر بهم أكثر منه بالمعتزلة لإِظهار أولئك ومجاوبتهم أهل السنة وإخفاء هؤلاء ومخالطتهم أهل الحق. نسأل الله السلامة من كل برحمته."
#الغيث_الشامي