1- عدم التفريق بين طبقات وأنواع الخطأ "بدعة (كفرية أو مفسقة)" - "زلة عالم (كبيرة أم صغيرة)" إلخ.. ، ثم سبب تلك الزلة هل هي اتباع لما وصله من نصوص، أم تقديم عقله وقياسه على ما وصله من نصوص في الباب، أم انتساب كلي لفرقة مبتدعة.
فيعتبرون أنك إذا تكلمت في فلان من العلماء وحذرت من خطأ كبير وقع فيه وقد تشتد أحيانًا على متابعيه، لزمك التشديد والحكم الشديد على عالم وقع بزلة أصغر بكثير.
وبناءً على المقدمة الأولى:
2- عدم التفريق بين النقد البناء (التقويم) والنقد الهدام (التحذير)، فبناءً على أن كل الأخطاء واحدة وكلها على نفس الدرجة ( وهو أشبه ما يكون بما اتفق عليه المرجئة والخوارج أن الإيمان شيء واحد إذا ذهب بعضه ذهب كله!)، ترى أنك إذا نسبت خطأ أو زلة عالم، أو حتى بدعة لا ترقى أن تكون مكفرة، لزمك إسقاطه بالكلية كما أسقطت عالم وقع في بدعة كفرية شديدة كإنكار العلو مثلًا، (على مافي لفظة إسقاط هذه من الإجمال) وبحقيقة الأمر فإن الإسقاط هنا أعني به تحذير العوام من القراءة له لأن ما سينتفعون به من علمه لا يضاهي إنكارهم للمعلوم من الدين بالضرورة كالعلو والكلام والحكمة وغيرها من الصفات أو الشرك أو الخلل في باب كبير من أبواب التوحيد بحسب حال الشخص الذي تم التحذير منه.
فليس كل من نبهت على زلته أقصد إسقاطه أو التحذير منه، إنما قد أكون أقصد تقويمه وتقريبه أكثر ونصيحته.
فخلاصة هذه المقدمة هي أن كل الأخطاء على نفس المرتبة = كل المخطئين على نفس المرتبة
3- كل نقد هو إسقاط، ولأن النقد يحتوي إبراز أخطاء المخالف كما هو الشائع في إستخدام كلمة نقد في الزمن المعاصر، فإذا كنت قد حذرت من فلان بسبب بدعة كفرية أو شركية قد وقع بها، فيلزمك بالطعن بعالم له زلة صغيرة وواضح أن سببها غياب نص عليه، أو أنه فعلًا تأوله تأويل سائغ لعدم وصول التأويل الصحيح له، أو أي عذر قد يكون سائغ فعلًا، فهو لديه عقلية حدية، إما أن نعذر الجميع أو نكفر الجميع! (وهذا لأنه بالأساس لديه خلل في باب العذر ويتعامل معه بالتشهي، وليس على أنه حكم من أحكام الشريعة له حدود ومعايير صارمة لا تعرف "الواسطات"، ولكن ماذا نقول عن قوم تربوا على قاعدة برغماتية ألا وهي "نتعاون فيما اتفقنا عليه ونعذر بعضنا البعض فيما اختلفنا فيه"
وكذلك كما ذكرنا لأنه يتعامل مع الخطأ والمخطئ على أنهم كلهم مرتبة واحدة في لسان الحال.
وإذا رآك انتقدت فلان نقدًا شديدًا لاذعًا وحذرت منه، ثم عمدت إلى نقد غيره نقدًا تقويميّا بنى على ذلك بالقياس أنك كما طعنت بذلك لخطأ عنده مع استصحاب مقدمة تساوي الأخطاء، ثم خطأت هذا العالم الجليل = أنك ستطعن به كما طعنت بذاك.
فهذه المقدمات بالحقيقة هي المقدمات التي يليق بها أن تسمى مقدمات "الحدادية"، والغلاة الطعانين بالعلماء.
وسبحان الله، من أعجب ما ستراه، أن كثير ممن يطعن بالباطل بالتيارات التي تنسب عادة للغلو في الجرح، تحت اسم المداخلة، الحدادية، الخ..
هو يفعل ما ينسبه لهم، فمثلًأ تجده يبدعهم ويشتد عليهم جدّا بشدة لا يشتد نصفها على مخالف ومبتدع بدعة أكبر بكثير من بدعتهم، وأكثر شيوعًا وانتشارًا منهم، بل وأكثر دمويّة وتأثير
بينما تراه منزعج أنك تشتد على الإباضي والجهمي، وتترك من يسميهم بالطواغيت، على مفهومه الضيق لكلمة طاغوت "التي يخرج منها الطواغيت الذين أردوا هدم الإسلام من داخله ومحو معاني كلمة التوحيد".
وهو نفسه يشتد عليك أنت لأنك تهتم بباب الأسماء والصفات مثلًا أكثر ما يشتد على الطواغيت المحرفين لها في هذا الباب!.
فتراه يذم المداخلة على شدتهم على المخالف، ثم هو يبدع بل ويكفر كل من خالفه في مشروعه السياسي، ويحذر من كل من خالفه (اتركوا فلان ولا تتابعوا فلان وتابعوني أنا واسمعوا فقط للمنهج الذي وضعته لكم وأنا سأضمن لكم شهادةً بأنكم (علماء ومحاورين وإلخ..)
أخيرًا، هذا المنشور من باب الإنصاف، ولست أحل أحدًا أن يقرأ شخصي من بين السطور ليصنفني بتصنيفات سطحية إذا رأى فقرة لم تعجبه في هذا الكلام، على مبدأ (كلامك حق أريد به باطل، لأنني سمعت مثله من أناس أنا أعتبرهم على باطل، فإذا شابه بعض كلامك كلامهم لزم أن يشابه الباقي الذي لم تقله بعد لكلامهم!)، فاربأ بنفسك عن هذا القياس الفاسد بارك الله فيك واسمع الحق ودعك من قائله.
هذا والله أعلم
#الغيث_الشامي